إن الحمد لله نحمده و نستعينة ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
إخواني أخواتي دعونا نقف اليوم مع كلمة عظيمة تحمل بين طياتها معان عظيمة وجليلة ألا وهي كلمة :
لا إله إلا الله هذه الكلمة التي لها فضائل فلم لا نجعل السنتنا تلهج بذكرها لتكون معينا لنا لدخول الجنة
كما ورد ذلك في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يقول ((من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة)) أخرجه احمد وأبو داوود و غيرهما
إن معنى هذه الكلمة العظيمة (لا إله إلا الله) هو أنه لا معبود بحق إلا الله، ولا مستحق للعبادة إلا الله وحده، فمن قال: لا إله إلا الله وجب عليه أن يُفرد الله بالعبادة وأن يترك عبادة ما سواه (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ).
أن هذه الكلمة كلمة لا إله إلا الله أول واجب على كل مكلف والعلم بمعنى هذه الكلمة وتحقيق هذه الكلمة والدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أرسل معاذ ابن جبل إلى اليمن قال(( إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله))أخرجه البخاري ومسلم
إذا هذا هو أول واجب على كل واحد منا وإذا تقرر ذلك فعند إذٍ نعلم خطأ من قال أن أول واجب هو القصد أو النظر أو قال بعضهم الشك .. هذه أقوال بعض المتكلمين الذين ضلوا عن سواء السبيل فالواجب الذي حدده النبي صلى الله عليه وسلم وبينه في هذا الحديث العظيم أن أول واجب هو كلمة لا إله إلا الله فليس الواجب هو النظر ولا القصد إلى النظر ولا الشك كما قال أهل الكلام ..
وإذا كان التوحيد هو أول واجب فأيضاً هو آخر واجب كما ورد ذلك في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يقول ((من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة)) أخرجه احمد وأبو داوود و غيرهما
فمعرفة معناها والعمل بمقتضاها هو الدين لذلك دعا سيدنا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم الى عبادة الله وحده
إذا كانت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم ختامها وبدؤها التوحيد هم بدؤؤا بالتوحيد ولم يبدؤوا بالشرائع والأخلاق
والأداب
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه رحمة الله أن التوحيد الذي ذكره في كتابه وأنزل به كتبه وبعث به رسله واتفق عليه المسلمون من كل مله فهو كما قال الأئمة شهادة أن لا إله إلا الله وهو عبادة الله وحده لا شريك له فما بين ذلك بقوله سبحانه (( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم )) وأخبر سبحانه أن الإله إله واحد لا يجوز أن يتخذ إله غيره فلا يعبد إلا إياه .. أ.هـ من كتابه التسعينية
وقال إبن القيم رحمه الله (( إعلم أن حاجة العبد إلى أن يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا أعظم من حاجة الجسد إلى روحه والعين إلى نورها بل ليس لهذه الحاجة نظير تقاس به فإن حقيقة العبد روحه وقلبه ولا صلاح لها إلا بإلهها الذي لا إله إلا هو فلا تطمئن بالدنيا إلا بإذنه وهي كادحة إليه كدحا فملاقيته ولا بد لها من لقائه ولا صلاح لها إلا بعبوديتها له )) أ.هـ من كتابه طريق هجرتين صفحة75
هذه الكلمة قائمة على ركنين :
1- الركن الأول .. النفي 2-الركن الثاني .. الإثبات .
فالنفي في قولنا لا إله والإثبات في قولنا إلا الله
فالنفي هو نفي الإلهية عما سوا الله أياً كان هذا السوى أيا كان هذا الغير سواء كان نبياً أو ملكاً أو ملَكاً أو
أو ميتاً أو حياً تنفى الإلهية عما سوا الله أياً كان هذا وتثبت الإلهية لله وحده لا شريك له ...
فالقرآن يقرر ويؤكد على هذين الركنين فتجد النفي والإثبات ونفي الإلهية عما سوا الله وإثبات الإلهية لله تعالى وحده في كثير من آيات القرآن الكريم من ذلك مثلا ً :
قول الله تعالى (ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى ) .
..أن هذه الكلمة كلمة التوحيد كلمة الإخلاص العروة الوثقى هي السبب في دخول الجنة كما جاء ذلك في أحاديث كثيرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم منها قوله عليه الصلاة والسلام :
((من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة ))
وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب عليه رحمة الله (( لا إله إلا الله هي العروة الوثقى وهي كلمة التقوى وهي الحنيفية ملة إبراهيم وهي التي جعلها الله عز وجل كلمة باقية في عقده وهي التي خلقت لأجلها المخلوقات ولأجلها قامت الأرض والسماوات ولأجلها أرسلت الرسل وأنزلت الكتب ))أ.هـ من كتابه الدرر السنية الجزء الثاني صفحة 53
وقال أيضاً ((اعلم رحمك الله أن فرض معرفة شهادة أن لا إله إلا الله قبل فرض الصلاة والصوم فيجب على العبد إن يبحث معنى ذلك أعظم في وجوب بحثه عن الصلاة والصيام وحرم الله الشرك والإيمان بالطاغوت أعظم من تحريمه نكاح الأمهات والعمات فأعظم مراتب الإيمان شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ) إ.هـ من الدرر السنية الجزء الثاني صفحه61
لا إله إ لا الله ....................................ما أعظمها من كلمة وما أعظم فضائلها
عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله : { ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم } قالوا: بلى يا رسول الله. قال: { ذكر الله عز وجل } [رواه أحمد
وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : { يقول الله تبارك وتعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة ))
وقال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: ( لكل شيء جلاء، وإن جلاء القلوب ذكر الله عز وجل )
ولا ريب أن القلب يصدأ كما يصدأ النحاس والفضة وغيرهما، وجلاؤه بالذكر، فإنه يجلوه حتى يدعه كالمرآة البيضاء. فإذا ترك الذكر صدئ، فإذا ذكره جلاه
صدأ القلب بأمرين: بالغفلة والذنب، وجلاؤه بشيئين: بالاستغفار والذكر.
فأفضل الذكر: ما تواطأ عليه القلب واللسان، وإنما كان ذكر القلب وحده أفضل من ذكر اللسان وحده، لأن ذكر القلب يثمر المعرفة بالله، ويهيج المحبة، ويثير الحياء، ويبعث على المخافة، ويدعو إلى المراقبة، ويزع عن التقصير في الطاعات، والتهاون في المعاصي والسيئات، وذكر اللسان وحده لا يوجب شيئاً من هذه الآثار، وإن أثمر شيئاً منها فثمرة ضعيفة
أن الذكر يجمع المتفرق، ويفرق المجتمع، ويقرب البعيد، ويبعد القريب. فيجمع ما تفرق على العبد من قلبه وإرادته، وهمومه وعزومه، ويفرق ما اجتمع عليه من الهموم، والغموم، والأحزان، والحسرات على فوات حظوظه ومطالبه، ويفرق أيضاً ما اجتمع عليه من ذنوبه وخطاياه وأوزاره، ويفرق أيضاً ما اجتمع على حربه من جند الشيطان، وأما
تقريبه البعيد فإنه يقرب إليه الآخرة، ويبعد القريب إليه وهي الدنيا
فتعالوا اخواني نردد دائما هذه الكلمة كلمة : لاإله إلا الله
فإن ذكر الله يسهل الصعب، وييسر العسير، ويخفف المشاق
فيا من أثقله الهم وأحاط به الغم وهزه الألم الجم قل: لا إله إلا الله
ويا من أثقلته الديون أو غيبته الشجون وبات وهو محزون قل : لا إله إلا الله
ويا من اشتد به الكرب وعلاه الخطب اذكر اسم الرب وقل :لا إله إلا الله
لا إله إلا الله وسيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
والحمد لله رب العالمين